بسم الله الرحمن الرحيم
هل يصح حديث (لن يغلب عسر يسرين) ؟
السؤال : في قوله تعالى
: ( إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) قال الرسول صلى الله عليه وسلم -
بما معناه- : ( اصبروا فلا يهزم عسر يسرين )، هل هذا الحديث صحيح ؟ وإن
كان ، فما هو نص الحديث الصحيح ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ورد هذا الحديث من طريقين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ـ فيما نعلم ـ وكلاهما ضعيف .
الأول : من مراسيل الحسن البصري ، ومراسيله ـ كما هو معلوم ـ ضعيفة ، بل من أضعف المراسيل .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"ضعيف : أخرجه الحاكم (2/ 528) عن
إسحاق بن إبراهيم الصنعاني : أنبأ عبد الرزاق : أنبأ معمر ، عن أيوب ، عن
الحسن : في قول الله عز وجل : (إن مع العسر يسراً) قال : خرج النبي صلي
الله عليه وسلم يوماً مسروراً فرحاً ، وهو يضحك وهو يقول : (لن يغلب عسر
يسرين)
وقال هو والذهبي : مرسل . فعلة الحديث الإرسال .
كذلك أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/
151) من مرسل الحسن وقتادة ، ولا يقوي أحدهما الآخر ؛ لاحتمال أن يكونا
تلقياه من شيخ واحد ، واحتمال أن يكون تابعياً مثلهما ، واحتمال أن يكون
ضعيفاً أو مجهولاً ، وهو السبب في عدم الاحتجاج بالحديث المرسل وجعلهم
إياه من أقسام الحديث الضعيف ، كما هو مقرر في علم المصطلح " انتهى
باختصار.
"السلسلة الضعيفة" (4342) .
الثاني : من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما .
رواه ابن مردويه – كما عزاه إليه الزيلعي في " تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف " (4/236) – قال :
" فيه مرفوع آخر رواه ابن مردويه في تفسيره فقال :
حدثنا أحمد بن محمد بن السري ، ثنا
المنذر بن محمد بن المنذر ، ثني أبي ، ثنا يحيى بن محمد بن هانئ ، عن محمد
بن إسحاق ، ثني الحسن بن عطية العوفي ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال
: ( لما نزلت : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ابشروا لن يغلب عسر يسرين ) " انتهى.
وهذا إسناد ضعيف بسبب الحسن بن عطية
العوفي ، فقد اتفق أهل العلم على تضعيفه . انظر: "تهذيب التهذيب" (2/294)
، ولذلك ضعف الحافظ ابن حجر حديث جابر هذا في "فتح الباري" (8/712) .
ثانيا :
ثبت هذا من كلام بعض الصحابة رضوان
الله عليهم ، أصحها ما رواه الحاكم في "المستدرك" (2/329) بسند صحيح ، قال
فيه الحاكم : صحيح على شرط مسلم . ووافقه الذهبي في "التلخيص" ،
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (أنه بلغه أن أبا عبيدة حصر بالشام ، وقد
تألب عليه القوم ، فكتب إليه عمر : سلام عليك ، أما بعد : فإنه ما ينزل
بعبد مؤمن من منزلة شدة إلا يجعل الله له بعدها فرجا ، ولن يغلب عسر يسرين
، و ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله
لعلكم تفلحون ) قال : فكتب إليه أبو عبيدة : سلام عليك . وأما بعد : فإن
الله يقول في كتابه : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر
بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) إلى آخرها . قال : فخرج عمر بكتابه
فقعد على المنبر فقرأ على أهل المدينة ثم قال : يا أهل المدينة ! إنما
يعرض بكم أبو عبيدة أن ارغبوا في الجهاد ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" قوله تعالى : ( فَإِنَّ مَعَ
الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) فالعسر - وإن تكرر
مرتين - فتكرر بلفظ المعرفة ، فهو واحد ، واليسر تكرر بلفظ النكرة ، فهو
يسران ، فالعسر محفوف بيسرين ، يسر قبله ، ويسر بعده ، فلن يغلب عسر يسرين " انتهى.
" بدائع الفوائد " (2/155) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ
يُسْراً . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) قال ابن عباس عند هذه الآية :
(لن يغلب عسر يسرين) قال أهل البلاغة : توجيه كلامه : أن العسر لم يذكر
إلا مرة واحدة ، ( فإن مع العسر يسراً ) ، ( إن مع العسر يسرا ) العسر
الأول أعيد في الثانية بأل ، فأل هنا للعهد الذكري ، وأما اليسر فإنه لم
يأت معرفاً بل جاء منكراً ، والقاعدة : أنه إذا كرر الاسم مرتين بصيغة
التنكير أن الثانية غير الأول إلا ما ندر ، والعكس إذا كرر الاسم مرتين
وهو معرف فالثاني هو الأول إلا ما ندر ، إذاً : في الآيتين الكريمتين
يسران ، وفيهما عسر واحد ؛ لأن العسر كرر مرتين بصيغة التعريف .
( فإن مع العسر يسرا ) هذا الكلام خبر
من الله عز وجل ، وخبره أكمل الأخبار صدقاً ، ووعده لا يخلف ، فكلما تعسر
عليك الأمر فنتظر التيسير " انتهى باختصار.
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/80)
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : (وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا
كَثِيرًا ، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ
الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) رواه أحمد (5/19) طبعة مؤسسة
الرسالة وصححه المحققون ، وقال ابن رجب : حسن جيد . " جامع العلوم والحكم
" (1/459) .
فينبغي للعبد أن يحسن ظنه بالله
، وأن يقوى يقينه بفرج من عنده سبحانه ، فهو عز وجل عند حسن ظن عبده به ،
وأن يبذل أسباب الفرج من الصبر والتقوى وحمد الله على كل حال ، قال الله
تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا .
ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ) الطلاق/4- 5 .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب
، واليسر بالعسر : أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى وحصل للعبد اليأس من
كشفه من جهة المخلوقين ، وتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا هو حقيقة التوكل
على الله ، وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج - فإن الله يكفي
مَن توكل عليه ، كما قال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) " انتهى.
" جامع العلوم والحكم " (ص/197) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل يصح حديث (لن يغلب عسر يسرين) ؟
السؤال : في قوله تعالى
: ( إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) قال الرسول صلى الله عليه وسلم -
بما معناه- : ( اصبروا فلا يهزم عسر يسرين )، هل هذا الحديث صحيح ؟ وإن
كان ، فما هو نص الحديث الصحيح ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ورد هذا الحديث من طريقين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ـ فيما نعلم ـ وكلاهما ضعيف .
الأول : من مراسيل الحسن البصري ، ومراسيله ـ كما هو معلوم ـ ضعيفة ، بل من أضعف المراسيل .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"ضعيف : أخرجه الحاكم (2/ 528) عن
إسحاق بن إبراهيم الصنعاني : أنبأ عبد الرزاق : أنبأ معمر ، عن أيوب ، عن
الحسن : في قول الله عز وجل : (إن مع العسر يسراً) قال : خرج النبي صلي
الله عليه وسلم يوماً مسروراً فرحاً ، وهو يضحك وهو يقول : (لن يغلب عسر
يسرين)
وقال هو والذهبي : مرسل . فعلة الحديث الإرسال .
كذلك أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/
151) من مرسل الحسن وقتادة ، ولا يقوي أحدهما الآخر ؛ لاحتمال أن يكونا
تلقياه من شيخ واحد ، واحتمال أن يكون تابعياً مثلهما ، واحتمال أن يكون
ضعيفاً أو مجهولاً ، وهو السبب في عدم الاحتجاج بالحديث المرسل وجعلهم
إياه من أقسام الحديث الضعيف ، كما هو مقرر في علم المصطلح " انتهى
باختصار.
"السلسلة الضعيفة" (4342) .
الثاني : من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما .
رواه ابن مردويه – كما عزاه إليه الزيلعي في " تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف " (4/236) – قال :
" فيه مرفوع آخر رواه ابن مردويه في تفسيره فقال :
حدثنا أحمد بن محمد بن السري ، ثنا
المنذر بن محمد بن المنذر ، ثني أبي ، ثنا يحيى بن محمد بن هانئ ، عن محمد
بن إسحاق ، ثني الحسن بن عطية العوفي ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال
: ( لما نزلت : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ابشروا لن يغلب عسر يسرين ) " انتهى.
وهذا إسناد ضعيف بسبب الحسن بن عطية
العوفي ، فقد اتفق أهل العلم على تضعيفه . انظر: "تهذيب التهذيب" (2/294)
، ولذلك ضعف الحافظ ابن حجر حديث جابر هذا في "فتح الباري" (8/712) .
ثانيا :
ثبت هذا من كلام بعض الصحابة رضوان
الله عليهم ، أصحها ما رواه الحاكم في "المستدرك" (2/329) بسند صحيح ، قال
فيه الحاكم : صحيح على شرط مسلم . ووافقه الذهبي في "التلخيص" ،
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (أنه بلغه أن أبا عبيدة حصر بالشام ، وقد
تألب عليه القوم ، فكتب إليه عمر : سلام عليك ، أما بعد : فإنه ما ينزل
بعبد مؤمن من منزلة شدة إلا يجعل الله له بعدها فرجا ، ولن يغلب عسر يسرين
، و ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله
لعلكم تفلحون ) قال : فكتب إليه أبو عبيدة : سلام عليك . وأما بعد : فإن
الله يقول في كتابه : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر
بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) إلى آخرها . قال : فخرج عمر بكتابه
فقعد على المنبر فقرأ على أهل المدينة ثم قال : يا أهل المدينة ! إنما
يعرض بكم أبو عبيدة أن ارغبوا في الجهاد ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" قوله تعالى : ( فَإِنَّ مَعَ
الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) فالعسر - وإن تكرر
مرتين - فتكرر بلفظ المعرفة ، فهو واحد ، واليسر تكرر بلفظ النكرة ، فهو
يسران ، فالعسر محفوف بيسرين ، يسر قبله ، ويسر بعده ، فلن يغلب عسر يسرين " انتهى.
" بدائع الفوائد " (2/155) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ
يُسْراً . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) قال ابن عباس عند هذه الآية :
(لن يغلب عسر يسرين) قال أهل البلاغة : توجيه كلامه : أن العسر لم يذكر
إلا مرة واحدة ، ( فإن مع العسر يسراً ) ، ( إن مع العسر يسرا ) العسر
الأول أعيد في الثانية بأل ، فأل هنا للعهد الذكري ، وأما اليسر فإنه لم
يأت معرفاً بل جاء منكراً ، والقاعدة : أنه إذا كرر الاسم مرتين بصيغة
التنكير أن الثانية غير الأول إلا ما ندر ، والعكس إذا كرر الاسم مرتين
وهو معرف فالثاني هو الأول إلا ما ندر ، إذاً : في الآيتين الكريمتين
يسران ، وفيهما عسر واحد ؛ لأن العسر كرر مرتين بصيغة التعريف .
( فإن مع العسر يسرا ) هذا الكلام خبر
من الله عز وجل ، وخبره أكمل الأخبار صدقاً ، ووعده لا يخلف ، فكلما تعسر
عليك الأمر فنتظر التيسير " انتهى باختصار.
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/80)
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : (وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا
كَثِيرًا ، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ
الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) رواه أحمد (5/19) طبعة مؤسسة
الرسالة وصححه المحققون ، وقال ابن رجب : حسن جيد . " جامع العلوم والحكم
" (1/459) .
فينبغي للعبد أن يحسن ظنه بالله
، وأن يقوى يقينه بفرج من عنده سبحانه ، فهو عز وجل عند حسن ظن عبده به ،
وأن يبذل أسباب الفرج من الصبر والتقوى وحمد الله على كل حال ، قال الله
تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا .
ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ) الطلاق/4- 5 .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب
، واليسر بالعسر : أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى وحصل للعبد اليأس من
كشفه من جهة المخلوقين ، وتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا هو حقيقة التوكل
على الله ، وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج - فإن الله يكفي
مَن توكل عليه ، كما قال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) " انتهى.
" جامع العلوم والحكم " (ص/197) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب